قصة مستقاة من الواقع
قبل سنة أو أكثر من السنة بقليل .. و أنا جالسة امام التلفاز أتنقل بين قنواته الواحدة تلو الأخرى لا لهدف انما لكي أقتل الفراغ الذي كنت أعيشه و إذا بها .. مكسورة الجناح .. قد بدت ملامح الخيبة والعذاب على محياها .. " ما تحِبِّهوش أكتر من نفسك!" تلك هي كانت كلمات شرين عبدالوهاب في مقابلة لها على الmbc ...
لم أعرف وقتها عظم ما قالته .. لم يخطر ببالي أنني (أنا) من اتخذت من عزة نفسها وثقتها اللامتناهية بقدراتها وانجازاتها أنها ستحب أحدا أكثر من ذاتها ! و بأن ال(أنا) سيضاف إليها (هو) فتصبح (هو و .... أنا) ... بعدها بأشهر قليلة ... كنت أردد كلمات الرويشد (أبي حب يزلزلني و أبي لهفة من الأشواق و أبي دنيا ما هي دنيا عن الواقع تضيعني) .. وقتها كنت أرددها بكل جنون وعفوية ومرح .. لم أكن أفقه ما أقول .. ولم يكن الحب يوما هدفا أصبو إليه .. على عكس مثيلاتي و حتى أقرب المقربين مني .. وصموني بالبلاهة والجمود ورأوا في عدم جريي وراء الحب عزوفا عن الجنس الآخر .. في حين أنني كنت أردد .. لا حب قبل الزواج .. سأخبئ كل قطرة حب لأصبها في إناء فارسي المنتظر .. زوجي .. حبيبي الوحيد ..
في الشهر الثاني عشر من العام الماضي .. انقلبت موازيني .. أفكاري .. ثوابتي .. طريقة تفكيري .. كل هذا بفعل سحر ساحر أجاد صنعته! سحرني بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. لم أعد أنا أنا .. أين الخيلاء والتكبر؟ أين الجمود؟ أين أين أين؟
قبله كنت أصنف الناس حسب شهاداتهم .. تحصيلهم العلمي .. مكانتهم بالمجتمع .. وغيرها من قشور ورثناها من مجتمع ابتلي بداء المظاهر ...
جاء ليهز أركاني .. أنا الحب سيدتي فاصنعي ما شئت!
لم يكن كما تخيلته .. لم يكن من حملة الشهادات العليا .. لم يكن مقتدرا .. ولم أكن أطمع بالبذخ ولكني كنت أبغي الكفاف .. ورغم ذلك رضيت بذلك لأنه أغلى من كنوز الدنيا وما حوت ! .. لم يكن طموحا ..- وتلك صفة مفصلية عندي- .. لكني كنت آمل أن أؤثر عليه باندفاعي وطموحي الذي يداعب السحاب .. كان وضعه الاجتماعي جيدا جدا .. لم يكن يقض مضجعي سوى أن عائلتي لن ترضى بتحصيله العلمي ووضعه الوظيفي ..
لم أخف عنه ما يخالجني من خوف وترقب وكان هو بالمقابل يطمنني بأنه لن يستمر على هذا الحال و أنه سيقوم بتعديل وضعه التعليمي والوظيفي فقط لأجلي !! كانت تلك الكلمات تهز كياني وكنت أثور لأنه يفعل ذلك لا لأجل نفسه إنما ليرضي عائلتي ويحظى بي ! لم يكن ذلك ليبهرني و يرضي غروري .. فرجلي يجب أن يكون طموحه يرضي حاجاته هو بالمقام الأول وكنت أصارحه بذلك .. و هو بالمقابل كان يطبطب علي بأنه بالنهاية يقوم بذلك ليحقق شيئا في ذاته ..
مرت الأيام والشهور .. ربيع دائم .. عصفت به رياح الشمال مرات قلائل ولكنها لم تكن لتدوم .. لم يبت الهم بيننا ولو ليلة وما كنا لندعه يبيت لأن الحب لا يبيت الا برضا المحبوب .. هكذا كنا !!
عشت معه أميرة مستجابة الطلب .. غمرني بكل الحب والحنان و غرس في قلبي كل السمات النبيلة .. عرفت (الحب) اسما ورسما
كنا نشجع بعضنا على الخير .. على الفرائض و الفضائل ..على البر والوصل .. على الصفح والرضا .. ونعاتب بعضنا على التقصير في حق الله .. !!لكننا لم نكن نساكا ..
كانت أغاني مجيد .. راشد .. فيروز .. فضل .. نوال.. لساننا الذي نعبر فيه عما نحمله من حب وهيام .. حزن .. ترقب .. عتاب وملام ..
أيام عرفنا فيها الجنون بكل أنواعه .. لم نخف من شيء سوى الخالق .. شدونا سويا بأغاني الغرام لعبنا معا في حدائق الهيام تعاركنا بكينا ضحكنا فوق تلال الحب .. بنينا معنا مستقبلا.. الجنون عنوانه .. هكذا سيكون أولادنا .. هنا سيلعبون .. هنا مسكننا .. ولهذه الوجهة سوف نطير نطير !
توالت الأيام .. و أتت لحظة المواجهة ..
طعنوه بما ليس فيه .. فقط لكي لا أرضى به ..صرّحت بقبولي.. بالكارثة التي نزلت بهم .. (الشهادة والوظيفة) فراحوا يشككون بأخلاقه .. أسماء لا تمت له بصلة .. حوادث ليس لها في التاريخ وجود .. تحققت منها .. تأكدت مما قالوه ! زور وحيف وجور ما قالوه !!
كيف أرد؟ كيف أدافع عمن سكن فؤادي؟ أريده أماه ...... أريده يا أغلى أب في الوجود !
"لم هو؟ ألم يأتك من حملة الشهادات والمناصب و .. و ... و .. ؟! رفضتيهم وابتسامتك ملئ فيك؟!"
هو من أريد! وليس عندي المزيد!
"هو غير سوي .. هو ... هو ... هو ... -هذا ما قاله عنه أخوك- أتبغين من هو أقل منك شهادة و منصبا؟"
وما يدريكم لعل الله يطرح فيه البركة ويكون لي خيرا من فلان وفلان !! انه يكمل دراسته !! هو راغب في تغيير وضعه!! ألا تسمعون !
" كلا و لا!! و ألف كلا!! .... انتهى النقاش و إلا!!"
أهي شريعة الغاب ؟ أهذا جواب ؟ أنتم أكاديميون واعون !! هل الشهادة صك ضمان لحياة زوجية هانئة سعيدة؟
ولّيتُ هائمة والدمع قد شق مقلتي .. أشكو له جور أقرب الناس لي وجور الزمان !!
واذا به ... يسكت لحظات .. يقول هوني عليكي حبيبتي .. غدا سنعيد الكرة .. نحاول أن نستشف ما حصل ومن أين جاؤوا بهذا الكلام ..
و يأتي الغد .. ويعاد نفس الكلام ..
من قد سألتم ؟
"أناس ثقات"
من هم خبروني ؟
"كلاااااااام رجال"
بالأمس قد أخبرتم بالخطبة و في ظرف 10 دقائق رددتم الجواب!! أي أناس و أي سؤال يكون في 10 دقائق !!
"ألك علاقة به؟ لم هذا الدفاع المستميت !!"
أريده .. استخرت واريده !
نفس الجواب ونفس الكلام ونفس الوجوه
الم تقولوا في البداية بأنه مستقيم و أن ما يعيبه هو وضعه الدراسي والوظيفي
"لا تطيلي الحديث ليس مستقيما و ليس هو من نريد!!"
...........
رجعت ألملم أشلاء قلبي .. وضعت قلبي بين يديه ... مالعمل ..؟!
هزني صوته يوم قال .. عندي مطلب فهل تجيبنه .. قلت لبيك سيدي أمرك مجاب
قال" قومي اطلبي الصفح ممن تربيت على يديه واغدق عليك بحنانه و ماله حتى ارويت .."
لست أقوى !! لقد جرحني في مقتل .. جرحني بأغلى مالدي
"هُم أغلى ما لديك .. هم كنزك .. جنتك ونارك.. لاجلي اعملي ما طلبت"
سأفعل .... وكذا فعلت
"نعم هكذا هي حبيبتي .. هكذا عرفتك بارة بوالديك .. أنا يا روح روحي سأسحب نفسي من هذه المعركة .. لست أبغي أن أدمر ما بينك وبين أهلك .. هم لم يعرفوني .. حتى انهم لم يسألوا عني .. بهتوني .. ولكنهم بالنهاية أهلك .. شقيقك قد لفق الأكاذيب ليبعدك عن سماي .. وانا.. كنت عند وعدي .. أتيت .. طرقت باب بيتكم طالبا قربك .. لم يدخلوني و رشقوني بالحجارة .. امض حبيبة قلبي في دربك وانا كذا سامضي بدربي.. أحبك !"
لااااا .. لا تتركني تعااااااال !! ماذنبي انا ! حبيبي تعال !! سأنتظرك مهما تطول السنون أرجوك ابق لا ترحل !
" لست انت! انما هُم! ما ذنبي انا! اتيت بكل احترام.. لم يكلفوا نفسم عناء السؤال! طلبت من أهلي أن يتصلوا مرة أخرى ويطلبوا منهم أن يأخذوا وقتهم بالسؤال.. ولكن أباك أبى حتى السؤال"
ارجوك انتظر !! أَعِد الكرة !! الم تعدني بأنك ستعيدها مرات ومرات حتى تحظى بي!؟
"كنت قد قلت ما قلت قبل أن يبهتوني بما ليس بي"
اذا لم يكن فيك ما قالوه فلم تهتم ؟ ارجوووووووك لست اقوى على العيش دونك ارجووك سأنتظرك حتى الممات
"لاتنتظري فأهلك لي كارهون! امض حبيبتي في دربك!"
دربي معك!!
" لا ليس معي وقد رأيتي ... لسنا مقدرين لبعضنا!"
ما ادراك .. انظر حولك .. هذا فلان و هذا فلان .. رفضوا الف مرة وبعدها جمع شملهم بالحلال!
"مالي بغيري .. كرامتي فوق كل شيء!"
فوق حبي؟ فوق (نحن) ! ألا يستحق حبنا محاولة أخرى ؟ و أنا ؟ ألا أستحق منك المحاولة
"اعذريني .. لست أقوى على ذلك .. كرامتي .. عزة نفسي!!"
ألست نفسك؟ ألست انا انت ؟ واذا انجرحت فجرحك فيّ ؟ انا انت حبيبي !
"سلام سيدتي وحبي الجميل .. أحبك فامضي وأعتقيني من حبك الجميل ... أحبك ولكن لن أرضى بالهوان"
لا تقل سلام!! ليس في الحب كرامة واعتزاز ! انت لي وانا لك سيدي .. رجوتك تعال! انظر الي !! انا من لم تطئطئ رأسها يوما للرجال ! انا من بلغت عزتها الجبال! رجوتك لا ترحل ! حبيبي تعال!
"وداعا والقلب دام .. وداعا عيوني وقلبي وحياتي"
---------
بعد سنة من حبنا كان هذا الجواب !! حب مجنون !! موت حياة !!
تخلى عن الحب وقت الامتحان ..
رسب في الاختبار ولكن قلبي لا يريد سواه !!! أواه منك !! قلب ساذج !!
صعدت سيارتي وانا في طريقي الى العمل .. لعلي أجد ما يلهيني واذا بي أشدو بأغنية من كلماتي وتلحيني .. تسطر حبي وشوقي وحنيني:
يا كيف تقوى علبعاد
يا شاغل قلوب العباد
يا كيف طاعك علجفا
غض الطرف عني ونسى
علمني وشلون الصبر
يا احلى ايام العمر
فهمني كيف أسلاك
علمني كيف أنساك
قلبي تراه منتظر
ما يقبله منك العذر
دام انت عودته الوفا
ومنك خذا كل الدفا
يطلب من الله انك تمر
ويطري البسمة والعطر
خذني معاك
يا اجمل ملاك
أرعاك أنا ارعاك
خلني معاك
يا اجمل ملاك
دوم(ن) على يمانك
دوم(ن) على يمناك
و يتكرر المشهد مرة تلو الأخرى مع اختلاف الشخصيات ...